منتديات سالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات سالي


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الحب المجنون
عضو فعال
عضو فعال
الحب المجنون


عدد الرسائل : 45
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 15/10/2008

شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر Empty
مُساهمةموضوع: شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر   شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 17, 2008 10:50 am


سمات الخطاب الإسلامي الجديد
<table class=authorBox cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><tr><td style="PADDING-BOTTOM: 7px; PADDING-TOP: 7px" align=right>
بقلم - عبد الوهاب المسيري </TD></TR></TABLE>
<table cellSpacing=0 cellPadding=0 align=left border=0><tr><td>شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1220244767112&ssbinary=true </TD></TR></TABLE>

الموقف من الحداثة الغربية هو نقطة الانطلاق الأساسية التي تتفرع عنها كل السمات الأخرى التي يمكن أن نوجزها فيما يلي:
رفض فكرة المركزية الغربية:
- الخطاب الإسلامي الجديد ليس اعتذاريًا، ولا يحاول أن يقول: نحن سبقنا الغرب في كذا وكذا، ولا يتحدث عن الأمجاد الغابرة، ولا يبذل دعاته مجهودًا كبيرًا في محاولة تحسين صورة الإسلام في الخارج. ومع هذا لا يرفض حملة الخطاب الجديد الغرب بشكل قاطع ولا يصورونه باعتباره مصدرًا لكل الشرور، فموقف الرفض الكامل للغرب شأنه شأن القبول الكامل له يفترض الغرب كمرجعية صامتة.
- ما يرفضه الخطاب الإسلامي الجديد في واقع الأمر هو المركزية والعالمية التي يضفيها الغرب على نفسه (ويضفيها الآخرون عليه)، كما يرفض الخطاب الإسلامي الجديد الإمبريالية الغربية (المرتبطة بادعائه المركزية)، وعمليات النهب والقمع التي قام بها في الماضي والتي تأخذ أشكالاً جديدة في الحاضر لا تقل ضراوة عن سابقتها، وهو يرفض الجوانب السلبية في الحداثة الغربية ويدرك أزمتها تمام الإدارك.
الرؤية المتكاملة والانفتاح النقدي:
- رغم أن الخطاب الإسلامي الجديد يدرك أزمة الحداثة الغربية، ويدرك –أيضًا- أنه لا يوجد أي مبرر لارتكاب أخطاء الآخرين وسلوك الطريق المسدود الذي أدى إلى أزمتهم، إلا أننا لسنا مثل الشيخ الجزائري الذي شم رائحة البارود ولم ير شيئًا آخر في الحضارة الغربية الحديثة. نعم لقد قرأنا الأرض الخراب لإليوت، ومسرحيات بيكيت، وروايات كامي العبثية، وكتابات دريدا العدمية، ونعرف أن الغرب قد بنى بنيته التحتية من خلال عمليات النهب (التي أدت إلى التراكم الإمبريالي وليس إلى التراكم الرأسمالي كما يقولون)، ولكننا نعرف –أيضًا- نظريات المعمار الغربية، وكيفية استخدام الحاسوب، ونظريات الإدارة المختلفة، والآفاق الواسعة التي فتحتها الحداثة الغربية، فنحن نعرف مزايا هذه الحداثة تمامًا مثلما نعرف أنها يمكن أن توردنا مورد الهلكة، وندرك أنها منظومة طرحت أسئلة محددة على العالم لا مناص من الإجابة عليها، فعقولنا ليست صفحة بيضاء، والبداية الإسلامية لا يمكن أن تكون من نقطة الصفر الافتراضية، ومن هنا تأتي ضرورة بل وحتمية الاشتباك والتفاعل مع الحداثة الغربية واستيعاب ثمراتها دون أن نُستوعب في منظومتها القيمية. باختصار شديد: الخطاب الإسلامي الجديد لا يرى أي مبرر لاستيراد الحداثة الغربية بحلوها ومرها. كما لا يدعو لرفضها بحلوها ومرها، فهو يقف على أرضيته الإسلامية ويطور رؤيته للحداثة الغربية ثم ينفتح عليها ويوجِّه النقد لها ويتفاعل معها، وهذا ما يمكن تسميته بالانفتاح النقدي التفاعلي. (على عكس الانفتاح السلبي المتلقي أو الرفض الشامل المصمت الذي يتأرجح بينهما الخطاب القديم).
خطاب جذري توليدي استكشافي:
- الخطاب الإسلامي القديم خطاب توفيقي تراكمي (وهذا نابع من تقبله لكثير من جوانب الحداثة الغربية)، حيث يأخذ أجزاءً جاهزةً من المنظومة الإسلامية (دون أن يدرك أن الإسلام يقدم رؤية شاملة للكون)، ثم يضيف هذا إلى ذاك، أما الخطاب الجديد فهو خطاب جذري توليدي استكشافي لا يحاول التوفيق بين الحداثة الغربية والإسلام، ولا يشغل باله بالبحث عن نقط التقابل بين المنظومة الغربية الحديثة والمنظومة الإسلامية؛ فهو يبدأ من نقد جذري للحضارة الغربية الحديثة، ويحاول اكتشاف معالم المنظومة الغربية الحديثة (باعتبارها رؤية كاملة للكون)، والإمساك بمفاتيحها مع الاحتفاظ بمسافة بينه وبينها، وهو يعود للمنظومة الإسلامية بكل قيمها وخصوصيتها الدينية والأخلاقية والحضارية ويستبطنها ويستكشفها ويحاول تجريد نموذج معرفي منها، يمكنه من خلاله توليد إجابات على الإشكاليات التي تثيرها الحداثة الغربية وعلى أية إشكاليات أخرى جديدة، ويرتبط بهذا المنهج التوليدي المحاولات الحديثة الرامية لتجديد الفقه من الداخل، فهي لا تنبع من محاولة فرض المقولات التحليلية الغربية على المنظومة الإسلامية، وإنما تحاول أن تكشف المقولات الأساسية لهذه المنظومة، ويتم التجديد والإصلاح من خلال التوليد منها هي ذاتها، باختصار شديد: الخطاب الجديد –انطلاقًا من أرضية إسلامية- يفتح باب الاجتهاد بالنسبة للمنظومة الغربية والموروث الثقافي الإسلامي.
يصدر عن رؤية معرفية شاملة:
- الخطاب الإسلامي الجديد لا يقنع باستيراد الإجابات الغربية الجاهزة على الأسئلة التي يطرحها عليه الواقع، ويتسم بأنه بالضرورة خطاب شامل، فهو على المستوى الجماهيري يطرح شعار (الإسلام هو الحل)، ولكن على المستوى الفلسفي يطرح شعار (الإسلام هو رؤية للكون)، وهو يتعامل مع كل من اليومي والمباشر والسياسي والكلي والنهائي؛ أي أن الخطاب الإسلامي الجديد يصدر عن رؤية معرفية شاملة يولد منها منظومات فرعية مختلفة: أخلاقية وسياسية واقتصادية وجمالية، فهو منظومة إسلامية شاملة تفكر في المعمار والحب والزواج والاقتصاد وبناء المدن والقانون وفي كيفية التحلي والتفكير، وفي توليد مقولات تحليلية مستقلة، ولذا فالخطاب الإسلامي الجديد لا يقدم خطابًا للمسلمين فحسب وإنما لكل الناس، حلاً لمشاكل العالم الحديث، تمامًا مثلما كان الخطاب الإسلامي أيام الرسول –عليه الصلاة والسلام-.
القدرة على الاستفادة من الحداثة الغربية:
- بسبب انفتاح الخطاب الجديد بشكل نقدي تفاعلي على الحداثة الغربية نجده قادرًا على الاستفادة بشكل خلاق منها دون أن يُستوعب فيها، فمقولات مثل: الصراع الطبقي، وضرورة التوزيع العادل للثروة، وقضية المرأة، وأثر البيئة على تشكيل شخصية الإنسان: هي قضايا كانت مطروحة داخل المنظومة الإسلامية، ولكن حساسية الخطاب الجديد وإداركه المتعمق لها ازداد من خلال احتكاكه بالحداثة الغربية. كما أن حملة الخطاب الجديد لا مانع عندهم من الاستفادة بهذه الحداثة في اكتشاف آليات الحلول أو حتى الحلول ذاتها، طالما أنها لا تتناقض مع النموذج الإسلامي.
القدرة على إدراك أبعاد إنسانية جديدة:
- الانفتاح على المنظومة الغربية والتفاعل النقدي معها يجعل الخطاب الجديد مدركًا لأبعاد كان من الصعب إدراكها دون هذا التفاعل، فمسائل مثل: العلاقات الدولية، والكوكبة والبعد الكوني في الظواهر المحلية، وخطورة الإعلام والدولة المركزية، وزيادة وقت الفراغ، وعمليات التنميط التي تسم الحداثة الغربية هي: أمور لم تكن مطروحة على الإنسان من قبل. ومن ثم لم يطرحها الخطاب الإسلامي القديم.
القدرة على اكتشاف الإمكانات الخلاقة للمنظومة الإسلامية:
- اكتشف الخطاب الإسلامي الجديد أن الانفتاح على الحداثة الغريبة ودراستها بشكل نقدي خلاق قد يفيد في تنمية الوعي النقدي؛ فمن خلال معرفة الآخر والتعمق في معرفته سندرك الطريق المسدود الذي دخله، وحجم الكارثة التي يعاني منها، فنزداد معرفة وثقة بأنفسنا، وإدراكاً لذاتنا بكل أبعادها، وسيساعدنا هذا الموقف المنفتح النقدي التفاعلي على اكتشاف الإمكانات التوليدية الخلاقة داخل المنظومة الإسلامية.
أسلمة المعرفة الإنسانية:
- يدرك الخطاب الإسلامي الجديد أن العلوم الإنسانية ليست علومًا دقيقة عالمية محايدة (كما يدعي البعض)، وأنها تحتوي على تحيّزات إنسانية عديدة تختلف بشكل جوهري عن العلوم الطبيعية، وأنها لا تفقد قيمتها لذلك، بل إنها تزداد مقدرة على التعامل مع ظاهرة الإنسان، وينبع الاختلاف بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية من أن الموضوع الأساسي للعلوم الإنسانية أي الإنسان لا يمكن ردّه في كليته إلى النظام الطبيعي/المادي، فالواقع الإنساني غير مترادف مع الواقع المادي رغم وجود الإنسان في عالم الطبيعة /المادة، ولذا فالخطاب الإسلامي الجديد يحاول أن يؤسس علومًا إنسانية لا تستبعد الإنسان، ومن ثم فهي مختلفة في منطلقاتها وطموحاتها ومعاييرها عن العلوم الطبيعية، ولا نزعم أنها محايدة منفصلة عن القيمة، بل تعبّر عن المنظومة القيمية الإسلامية (وهذه هي إسلامية المعرفة).
- يدرك حملة الخطاب الجديد ما يسمى "العلم في منظوره الجديد"، وهو علم يحتوي على مفاهيم مثل: اللامحدد، ولا يتحرك داخل إطار المفاهيم السببية الصلبة التي كان يتحرك العلم القديم في إطارها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحب المجنون
عضو فعال
عضو فعال
الحب المجنون


عدد الرسائل : 45
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 15/10/2008

شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر   شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 17, 2008 10:52 am

تأسيس رؤية إسلامية مستقلة في التنمية:
- الخطاب الإسلامي الجديد مدرك تمامًا لمشكلة البيئة وأن مفاهيم مثل التقدم الدائم وغير المتناهي (وهي مفاهيم محورية في الحداثة الغربية) معادية للطبيعة والإنسان وللحدود، وفي نهاية الأمر لله، فهي مفاهيم كافرة. ومن هنا بحث الخطاب الجديد الدائب عن مناهج جديدة في الإدارة ونماذج جديدة في تطوير الدولة (وهي تعبير عن اهتمام الخطاب الجديد بالخصوصية)، ولعل من أهم القضايا التي تشغل الخطاب الجديد هي نظرية التنمية، فالخطاب الجديد يرى أن نظريات التنمية الإسلامية لا بد أن تكون مختلفة جذريًا عن نظريات التنمية الغربية التي تروج لها المنظمات التي يقال لها دولية، والتي أثبتت فشلها في الممارسة، والتي أدت إلى الأزمة البيئية، ويرتبط بهذا نقد الخطاب الجديد للدعوة المستمرة إلى الاستهلاك المتصاعد، (ثورة التوقعات المتزايدة) وإدراكه لمدى خطورته على البيئة والمصادر الطبيعية وكيان الإنسان النفسي.
طرح النسبية الإسلامية كبديل عن النسبية المطلقة:
- الخطاب الإسلامي الجديد مدرك للقضية الفلسفية الأساسية في العالم الحديث، وهي قضية النسبية المعرفية التي تؤدي إلى العدمية، وهو يطرح في مقابلها ما أسماه (النسبية الإسلامية) التي تذهب إلى أن ثمة مطلقا واحدًا وهو الله سبحانه وتعالى، ولكن بسبب وجود الإله المطلق خارج الزمان والمكان والبشر، يصبح مركز الكون الذي يمنحه الهدف والغاية والمعنى، وهو ما يعني أن العالم لا يسقط في النسبية المطلقة ومن ثم اللامعنى، فالنسبية الإسلامية وهي نسبية نسبية -انطلاقًا من هذا- ثمة إدراك لتركيبتها الحقيقة ونسبية كثير من جوانبها وتغيرها وحركيتها، وثمة إدراك لما يوجد من تداخل بين المطلق والنسبي، وأن الخطاب الإنساني هو أولا وأخيراً اجتهادات يقوم بها بشر داخل الزمان والمكان في محاولة دائبة لفهم كلام الله.
الإيمان بالحركة والتدافع كأساس للحياة:
- كل هذا يعني الإيمان بفكرة التدافع وأن العالم ليس في حالة جمود وإنما هو في حالة حركة، والتدافع ليس بالضرورة الصراع، حتى إن أخذ هذا الشكل أحيانًا، وثمة إيمان -أيضًا- بفكرة التداول، فالثبات لله وحده، ونحن لسنا بمفردنا في هذا العالم. كل هذا يعني في واقع الأمر قبول التعايش مع الآخر واكتشاف الرقعة المشتركة معه، ومن هنا ظهر فقه الأقليات الحديث، سواء الأقليات غير المسلمة في المجتمعات الإسلامية أو الأقليات المسلمة في المجتمعات غير المسلمة، وهذا الفقه يصدر عن مفاهيم العدل والمساواة في الإسلام.
إدراك مشكلات ما بعد الحداثة:
- نجد في الخطاب الإسلامي –أيضًا- إدراكًا لمشكلات ما بعد الحداثة، والتي تتبدى في شكل الهجوم على كل النصوص الإنسانية والمقدسة، بحيث يتحول القرآن (على سبيل المثال) إلى نص تاريخي أو تاريخاني كما يقولون، أي يمكن تفسيره بقضه وقضيضه بالعودة للظروف والمواضعات الزمنية، وأعتقد أن الأستاذ طارق البشري أسهم إسهامًا هامًّا في هذا المجال، فمن خلال دراساته حول استعادة الثبات للنص المقدس بيّن أن أوجه الاختلاف بين الفقهاء في كثير من الأحيان لا ينبع من تفسيرهم للنص، وإنما من فهمهم للواقعة الإنسانية التي يريدون إصدار الفتوى بخصوصها، هذه مسألة هامّة لأنه في إطار ما بعد الحداثة ثمة هجوم على أي ثبات وأية معيارية وثمة إنكار لأية ركيزة نهائية.
تجاوز الإطلاقات المتناقضة والسماح بالفراغات والتعددية:
- أعتقد أن ثمة محاولة لاكتشاف مقولات تحليلية وسطية تميز الخطاب الإسلامي عن الخطاب الحداثي الغربي، الذي يتسم بالتأرجح الشديد بين قبضتين متنافرتين؛ فالخطاب الحداثي الغربي يطلب من المرء إما اليقين الكامل أو الشك الكامل، إما أن يكون هناك عقل مطلق أو اللاعقل على الإطلاق، إما أن يهيمن العقل تمامًا أو يفكك العقل، إما أن تكون العقلانية المادية أو اللاعقلانية المادية، بينما يحتوي الخطاب الإسلامي الجديد –حسبما سمعنا من الأستاذ فهمي هويدي والأستاذ طارق البشري- على إمكانية وجود فراغات أو إمكانية التعددية، وإمكانية ألا يكون اليقين مطلقا وألا يكون الشك نهائيا، فهناك ما بينهما؛ إذ ليس مطلوبًا من المرء أن يأتي ببراهين قاطعة مائة بالمائة وأن ترتبط حلقات السببية بشكل كامل شامل صارم (وهو ما أسميه "السببية الصلبة" في الحداثة الغربية)؛ إذ يكفي أن يأتي الإنسان بقدر معقول من البراهين والأسباب والقرائن، وأن يربط الأسباب بالنتائج بشكل كافٍ وليس بالضرورة صارمًا، (وهذا ما أسميه "السببية الفضفاضة")، وكلمة الفضفاضة يصعب ترجمتها؛ إذ أن المفردة التي تقابلها في الإنجليزية هي Loose والتي تعني "منحلة" أو "متفككة" أو كلمة Wide بمعنى "عريض" أو فسيح، بينما "فضفاضة" في العربية تحمل معنى السماحة وعدم الترابط الذي يسمح بالحرية دون أن يسقط بالضرورة في التفكك. والسببية الفضفاضة –في تصوري- هي جوهر الرؤية المعرفية الإسلامية التي تبين أن "ألف" لن تؤدي إلى "باء" حتماً ومائة بالمائة ودائما، ولكنها ستؤدي إلى … بإذن الله، "بإذن الله" هي المسافة التي تفصل بين الخالق والمخلوق، ولكنها هي التي تخلق مجالاً يمارس فيه الإنسان حريته، ومن ثم يصبح كائنًا مسئولاً حاملاً للأمانة، إنها تأكيد لما يسمى في الفقه الإسلامي "البينية".
القدرة على الرؤية المتكاملة للشريعة وإنزالها على الواقع المعاصر:
- أشار الأستاذ بشير نافع إلى شيء هام جدًا حين قال: إن الخطاب الإسلامي في المجتمعات الإسلامية التقليدية هو الشريعة. فالشريعة لا تزال هي الخطاب الإسلامي القديم والجديد، ولكن الخطاب الجديد يحاول أن يحل مشكلة ما أسميه "ثنائية المصطلح"، فالشريعة كما نعرف منفتحة قادرة على توليد إجابات على الأسئلة الكلية والنهائية التي يطرحها الواقع على الإنسان المسلم عبر تاريخه، ولكن مصطلحات الشريعة (بسبب ظروف الانقطاع التاريخي والحضاري الذي سببه الغزو الاستعماري) أصبحت مغلقة بالنسبة للكثيرين، وما يحاوله الخطاب الإسلامي الجديد هو فك شفرة هذا المصطلح، بحيث يمكن استخلاص الحكمة الكامنة فيه وإنزالها إلى الواقع المعاصر، كما يفعل الدكتور سيف حين يتحدث عن أن "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" هو المصطلح الإسلامي للتعبير عن مشكلة المشاركة في السلطة، هذا لا يعني أن ثمة ترادفًا بين المفهوم الغربي والمفهوم الإسلامي للقضية، كل ما يرمي إلى توضيحه الدكتور سيف أن هذه القضية الحديثة التي يعبر عنها بطريقة حديثة هي ذاتها القضية التي توجهت لها المنظومة الإسلامية من خلال مصطلحها الخاص، ومثل هذا الاجتهاد سيساعدنا على زيادة المقدرة التوليدية للمنظومة الفقهية، كما سيساعد المسلمين على ترسيخ أقدامهم على أرضيتهم العقائدية.
القدرة على صياغة نموذج معرفي إسلامي والاحتكام إليه:
- نظراً لعزل الشريعة عن واقعنا السياسي والاجتماعي أصبحنا نراها كما لو كانت مجموعة من الأحكام والآراء غير المترابطة، ولكن عملية توليد الإجابات تتطلب إدراكًا لترابط أجزاء الشريعة وتكاملها وأنها تعبر عن رؤية للكون، وهذا ما يحاول أن ينجزه الخطاب الجديد، ولا شك في أن مبحث المقاصد التقليدي يتعامل مع هذه القضية، فمن خلاله تمكن التفرقة بين الكلي والجزئي، والنهائي والمؤقت، والجوهري والعرضي، والثابت والمتغير، والمطلق والنسبي، وهذا ما نحتاج إلى تطويره وتعميمه لنصل إلى نموذج معرفي إسلامي نابع من القرآن والسنة، هذا النموذج يأخذ شكل هرم على قمته شهادة أن لا إله إلا الله، تليها القيم القطب مثل العدالة والمساواة، ثم تأتي بعد ذلك الأحكام الجزئية المختلفة، ومن ثم يمكن توسيع نطاق الاجتهاد دون خوف كبير من الزلل؛ إذ أن الاجتهاد سيتم في إطار النموذج المعرفي الهرمي الذي تم استخلاصه (عبر الاجتهادات المستمرة) من القرآن والسنة، وهذا النموذج سيكون هو وحده المعيار الذي يتم من خلاله إصدار الأحكام.
الاهتمام بالأمة بديلاً عن الدولة المركزية:
- من السمات الأساسية التي تسم الخطاب الإسلامي الجديد إدراكه لقضية السلطة وآلياتها المتعددة المتداخلة وعلاقة الواقع المحلي بالعلاقات الدولية، كما يدرك الخطاب الجديد مدى تركيبية الدولة الحديثة، وتغولها، ومقدرتها على الهيمنة والتغلغل حتى في حياة الإنسان الخاصة، والخطاب الجديد يدرك –أيضًا- أن الدولة المركزية الضخمة هي أخطبوط له منطقه الكمي الخاص الذي يتجاوز إرادة القائمين على الدولة، إسلاميين كانوا أم ماركسيين أم ليبراليين؛ فدور البيروقراطية في صنع القرار وتوجيه الحكم حسب أهوائها وأغراضها مسألة أصبحت واضحة تمامًا، كما يدرك الخطاب الجديد أن الدولة لها أجهزتها الأمنية المختلفة (الإعلام- التعليم) التي تحكم قبضتها على الجماهير من خلال: التسلية والإغراق بالمعلومات المتناثرة، والأغاني التي لا تنتهي، وإعادة كتابة التاريخ، ولذا أصبح الاستيلاء على الدولة ليس هو الحل الناجح لمشاكل المسلمين (كما كان يتصور حملة الخطاب القديم)، بل تصبح القضية هي ضرورة محاصرة الدولة وتقليم أظافرها حتى يعود الاستخلاف للأمة، ومن هنا نجد الاهتمام بفكرة الأمة بدلاً من فكرة الدولة، ومن هنا كان النقد المتزايد لفكرة الدولة المركزية والاهتمام بالمجتمع الأهلي ودور الأوقاف.
محاولة تطوير رؤية شاملة للفنون الإسلامية:
- الخطاب الإسلامي الجديد -نظرًا لشموله واهتمامه بالجانب الحضاري وبرؤيته للكون- يولي اهتمامًا كبيرًا للعنصر الجمالي والفني فلا يكتفي بمقولتي "حلال وحرام"، وإنما يحاول أن يطور رؤية شاملة للفنون الإسلامية تستند إلى الرؤية الإسلامية للكون، ومن هنا ظهرت المحاولات النظرية والتطبيقية الجديدة في مجال المعمار ومختلف الفنون، وهذا الجانب في الخطاب الإسلامي الجديد هو تعبير عن الانفتاح النقدي الأخلاقي، فكثير من الفنانين الإسلاميين أو المهتمين بالفن الإسلامي في العصر الحديث تعلموا في الغرب أو في الشرق على أسس غربية، ومع هذا فإنهم ينسلخون عن المنظومة الغربية، ويوجهون لها النقد، ويستفيدون من المعرفة التي اكتسبوها في محاولة توليد رؤى فنية، تترجم إلى مبانٍ على طراز إسلامي تستجيب لمتطلبات العصر الحديث، ويلاحظ أن هؤلاء الفنانين يدرسون التراث الفني الإسلامي من زوايا جديدة ويعيدون اكتشافه واكتشاف أسسه النظرية، مستفيدين من آليات التحليل التي تعلموها في الغرب، كما أنهم بدأوا يهتمون بالكتابات الإسلامية التراثية في هذا المضمار.
تجاوز المنظور الغربي في قراءة التاريخ:
- من أهم جوانب الخطاب الإسلامي الجديد قراءة التاريخ؛ فثمة رفض لفكرة التقدم الخطي اللانهائي ورفض للمفاهيم الخطية الواحدة (Unilinear) التي تفترض وجود نقطة نهائية واحدة، وهدف واحد يتحرك نحوه التاريخ البشري بأسره، الأمر الذي يفترض ضرورة رؤية تواريخ البشر من خلال منظار عالمي كما يُدَّعى، وإنما هو منظار الحضارة الغربية والمعيار هو معيارها. وأعتقد أن الدكتور بشير نافع أعطانا نموذجًا تطبيقيًّا لذلك الرفض بأن قدم قراءة التاريخ الإسلامي من الداخل دون استيراد مقولات تحليلية من خارج النسق، وعملية القراءة هنا هي عملية متعاطفة تفسيرية، ولكنها –أيضا- عملية نقدية، لقد قرأ الدكتور بشير وثائق لم يقرأها المؤرخون الغربيون، أو قرأوها وقاموا لعدم أهميتها في نظرهم، ولذا فقد نجح في تقديم رؤية جديدة، ومن ذلك اكتشف دور التصوف والطرق الصوفية الذي يهمله المؤرخون الذين تم تدريبهم داخل المنظومة العلمانية، فهم ينظرون إلى التصوف باعتباره مجرد خزعبلات، بينما يرى الدكتور بشير نافع أن دراسة التصوف والطرق الصوفية مدخل أساسي لفهم التاريخ الإسلامي، وقد بين الأستاذ طارق البشري في بعض دراساته أهمية الطرق الصوفية في فهم تاريخ مصر الحديثة.

تابع محاور الدراسة:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سالي :: الصفحة الرئيسية :: صاله سالى الاسلاميه-
انتقل الى: