الحب المجنون عضو فعال
عدد الرسائل : 45 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 15/10/2008
| |
الحب المجنون عضو فعال
عدد الرسائل : 45 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 15/10/2008
| موضوع: رد: شرعي » الإسلام وقضايا العصر » ثقافة وفكر الجمعة أكتوبر 17, 2008 10:52 am | |
| تأسيس رؤية إسلامية مستقلة في التنمية:- الخطاب الإسلامي الجديد مدرك تمامًا لمشكلة البيئة وأن مفاهيم مثل التقدم الدائم وغير المتناهي (وهي مفاهيم محورية في الحداثة الغربية) معادية للطبيعة والإنسان وللحدود، وفي نهاية الأمر لله، فهي مفاهيم كافرة. ومن هنا بحث الخطاب الجديد الدائب عن مناهج جديدة في الإدارة ونماذج جديدة في تطوير الدولة (وهي تعبير عن اهتمام الخطاب الجديد بالخصوصية)، ولعل من أهم القضايا التي تشغل الخطاب الجديد هي نظرية التنمية، فالخطاب الجديد يرى أن نظريات التنمية الإسلامية لا بد أن تكون مختلفة جذريًا عن نظريات التنمية الغربية التي تروج لها المنظمات التي يقال لها دولية، والتي أثبتت فشلها في الممارسة، والتي أدت إلى الأزمة البيئية، ويرتبط بهذا نقد الخطاب الجديد للدعوة المستمرة إلى الاستهلاك المتصاعد، (ثورة التوقعات المتزايدة) وإدراكه لمدى خطورته على البيئة والمصادر الطبيعية وكيان الإنسان النفسي.طرح النسبية الإسلامية كبديل عن النسبية المطلقة:- الخطاب الإسلامي الجديد مدرك للقضية الفلسفية الأساسية في العالم الحديث، وهي قضية النسبية المعرفية التي تؤدي إلى العدمية، وهو يطرح في مقابلها ما أسماه (النسبية الإسلامية) التي تذهب إلى أن ثمة مطلقا واحدًا وهو الله سبحانه وتعالى، ولكن بسبب وجود الإله المطلق خارج الزمان والمكان والبشر، يصبح مركز الكون الذي يمنحه الهدف والغاية والمعنى، وهو ما يعني أن العالم لا يسقط في النسبية المطلقة ومن ثم اللامعنى، فالنسبية الإسلامية وهي نسبية نسبية -انطلاقًا من هذا- ثمة إدراك لتركيبتها الحقيقة ونسبية كثير من جوانبها وتغيرها وحركيتها، وثمة إدراك لما يوجد من تداخل بين المطلق والنسبي، وأن الخطاب الإنساني هو أولا وأخيراً اجتهادات يقوم بها بشر داخل الزمان والمكان في محاولة دائبة لفهم كلام الله.الإيمان بالحركة والتدافع كأساس للحياة:- كل هذا يعني الإيمان بفكرة التدافع وأن العالم ليس في حالة جمود وإنما هو في حالة حركة، والتدافع ليس بالضرورة الصراع، حتى إن أخذ هذا الشكل أحيانًا، وثمة إيمان -أيضًا- بفكرة التداول، فالثبات لله وحده، ونحن لسنا بمفردنا في هذا العالم. كل هذا يعني في واقع الأمر قبول التعايش مع الآخر واكتشاف الرقعة المشتركة معه، ومن هنا ظهر فقه الأقليات الحديث، سواء الأقليات غير المسلمة في المجتمعات الإسلامية أو الأقليات المسلمة في المجتمعات غير المسلمة، وهذا الفقه يصدر عن مفاهيم العدل والمساواة في الإسلام.إدراك مشكلات ما بعد الحداثة:- نجد في الخطاب الإسلامي –أيضًا- إدراكًا لمشكلات ما بعد الحداثة، والتي تتبدى في شكل الهجوم على كل النصوص الإنسانية والمقدسة، بحيث يتحول القرآن (على سبيل المثال) إلى نص تاريخي أو تاريخاني كما يقولون، أي يمكن تفسيره بقضه وقضيضه بالعودة للظروف والمواضعات الزمنية، وأعتقد أن الأستاذ طارق البشري أسهم إسهامًا هامًّا في هذا المجال، فمن خلال دراساته حول استعادة الثبات للنص المقدس بيّن أن أوجه الاختلاف بين الفقهاء في كثير من الأحيان لا ينبع من تفسيرهم للنص، وإنما من فهمهم للواقعة الإنسانية التي يريدون إصدار الفتوى بخصوصها، هذه مسألة هامّة لأنه في إطار ما بعد الحداثة ثمة هجوم على أي ثبات وأية معيارية وثمة إنكار لأية ركيزة نهائية.تجاوز الإطلاقات المتناقضة والسماح بالفراغات والتعددية:- أعتقد أن ثمة محاولة لاكتشاف مقولات تحليلية وسطية تميز الخطاب الإسلامي عن الخطاب الحداثي الغربي، الذي يتسم بالتأرجح الشديد بين قبضتين متنافرتين؛ فالخطاب الحداثي الغربي يطلب من المرء إما اليقين الكامل أو الشك الكامل، إما أن يكون هناك عقل مطلق أو اللاعقل على الإطلاق، إما أن يهيمن العقل تمامًا أو يفكك العقل، إما أن تكون العقلانية المادية أو اللاعقلانية المادية، بينما يحتوي الخطاب الإسلامي الجديد –حسبما سمعنا من الأستاذ فهمي هويدي والأستاذ طارق البشري- على إمكانية وجود فراغات أو إمكانية التعددية، وإمكانية ألا يكون اليقين مطلقا وألا يكون الشك نهائيا، فهناك ما بينهما؛ إذ ليس مطلوبًا من المرء أن يأتي ببراهين قاطعة مائة بالمائة وأن ترتبط حلقات السببية بشكل كامل شامل صارم (وهو ما أسميه "السببية الصلبة" في الحداثة الغربية)؛ إذ يكفي أن يأتي الإنسان بقدر معقول من البراهين والأسباب والقرائن، وأن يربط الأسباب بالنتائج بشكل كافٍ وليس بالضرورة صارمًا، (وهذا ما أسميه "السببية الفضفاضة")، وكلمة الفضفاضة يصعب ترجمتها؛ إذ أن المفردة التي تقابلها في الإنجليزية هي Loose والتي تعني "منحلة" أو "متفككة" أو كلمة Wide بمعنى "عريض" أو فسيح، بينما "فضفاضة" في العربية تحمل معنى السماحة وعدم الترابط الذي يسمح بالحرية دون أن يسقط بالضرورة في التفكك. والسببية الفضفاضة –في تصوري- هي جوهر الرؤية المعرفية الإسلامية التي تبين أن "ألف" لن تؤدي إلى "باء" حتماً ومائة بالمائة ودائما، ولكنها ستؤدي إلى … بإذن الله، "بإذن الله" هي المسافة التي تفصل بين الخالق والمخلوق، ولكنها هي التي تخلق مجالاً يمارس فيه الإنسان حريته، ومن ثم يصبح كائنًا مسئولاً حاملاً للأمانة، إنها تأكيد لما يسمى في الفقه الإسلامي "البينية".القدرة على الرؤية المتكاملة للشريعة وإنزالها على الواقع المعاصر:- أشار الأستاذ بشير نافع إلى شيء هام جدًا حين قال: إن الخطاب الإسلامي في المجتمعات الإسلامية التقليدية هو الشريعة. فالشريعة لا تزال هي الخطاب الإسلامي القديم والجديد، ولكن الخطاب الجديد يحاول أن يحل مشكلة ما أسميه "ثنائية المصطلح"، فالشريعة كما نعرف منفتحة قادرة على توليد إجابات على الأسئلة الكلية والنهائية التي يطرحها الواقع على الإنسان المسلم عبر تاريخه، ولكن مصطلحات الشريعة (بسبب ظروف الانقطاع التاريخي والحضاري الذي سببه الغزو الاستعماري) أصبحت مغلقة بالنسبة للكثيرين، وما يحاوله الخطاب الإسلامي الجديد هو فك شفرة هذا المصطلح، بحيث يمكن استخلاص الحكمة الكامنة فيه وإنزالها إلى الواقع المعاصر، كما يفعل الدكتور سيف حين يتحدث عن أن "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" هو المصطلح الإسلامي للتعبير عن مشكلة المشاركة في السلطة، هذا لا يعني أن ثمة ترادفًا بين المفهوم الغربي والمفهوم الإسلامي للقضية، كل ما يرمي إلى توضيحه الدكتور سيف أن هذه القضية الحديثة التي يعبر عنها بطريقة حديثة هي ذاتها القضية التي توجهت لها المنظومة الإسلامية من خلال مصطلحها الخاص، ومثل هذا الاجتهاد سيساعدنا على زيادة المقدرة التوليدية للمنظومة الفقهية، كما سيساعد المسلمين على ترسيخ أقدامهم على أرضيتهم العقائدية.القدرة على صياغة نموذج معرفي إسلامي والاحتكام إليه:- نظراً لعزل الشريعة عن واقعنا السياسي والاجتماعي أصبحنا نراها كما لو كانت مجموعة من الأحكام والآراء غير المترابطة، ولكن عملية توليد الإجابات تتطلب إدراكًا لترابط أجزاء الشريعة وتكاملها وأنها تعبر عن رؤية للكون، وهذا ما يحاول أن ينجزه الخطاب الجديد، ولا شك في أن مبحث المقاصد التقليدي يتعامل مع هذه القضية، فمن خلاله تمكن التفرقة بين الكلي والجزئي، والنهائي والمؤقت، والجوهري والعرضي، والثابت والمتغير، والمطلق والنسبي، وهذا ما نحتاج إلى تطويره وتعميمه لنصل إلى نموذج معرفي إسلامي نابع من القرآن والسنة، هذا النموذج يأخذ شكل هرم على قمته شهادة أن لا إله إلا الله، تليها القيم القطب مثل العدالة والمساواة، ثم تأتي بعد ذلك الأحكام الجزئية المختلفة، ومن ثم يمكن توسيع نطاق الاجتهاد دون خوف كبير من الزلل؛ إذ أن الاجتهاد سيتم في إطار النموذج المعرفي الهرمي الذي تم استخلاصه (عبر الاجتهادات المستمرة) من القرآن والسنة، وهذا النموذج سيكون هو وحده المعيار الذي يتم من خلاله إصدار الأحكام.الاهتمام بالأمة بديلاً عن الدولة المركزية:- من السمات الأساسية التي تسم الخطاب الإسلامي الجديد إدراكه لقضية السلطة وآلياتها المتعددة المتداخلة وعلاقة الواقع المحلي بالعلاقات الدولية، كما يدرك الخطاب الجديد مدى تركيبية الدولة الحديثة، وتغولها، ومقدرتها على الهيمنة والتغلغل حتى في حياة الإنسان الخاصة، والخطاب الجديد يدرك –أيضًا- أن الدولة المركزية الضخمة هي أخطبوط له منطقه الكمي الخاص الذي يتجاوز إرادة القائمين على الدولة، إسلاميين كانوا أم ماركسيين أم ليبراليين؛ فدور البيروقراطية في صنع القرار وتوجيه الحكم حسب أهوائها وأغراضها مسألة أصبحت واضحة تمامًا، كما يدرك الخطاب الجديد أن الدولة لها أجهزتها الأمنية المختلفة (الإعلام- التعليم) التي تحكم قبضتها على الجماهير من خلال: التسلية والإغراق بالمعلومات المتناثرة، والأغاني التي لا تنتهي، وإعادة كتابة التاريخ، ولذا أصبح الاستيلاء على الدولة ليس هو الحل الناجح لمشاكل المسلمين (كما كان يتصور حملة الخطاب القديم)، بل تصبح القضية هي ضرورة محاصرة الدولة وتقليم أظافرها حتى يعود الاستخلاف للأمة، ومن هنا نجد الاهتمام بفكرة الأمة بدلاً من فكرة الدولة، ومن هنا كان النقد المتزايد لفكرة الدولة المركزية والاهتمام بالمجتمع الأهلي ودور الأوقاف.محاولة تطوير رؤية شاملة للفنون الإسلامية:- الخطاب الإسلامي الجديد -نظرًا لشموله واهتمامه بالجانب الحضاري وبرؤيته للكون- يولي اهتمامًا كبيرًا للعنصر الجمالي والفني فلا يكتفي بمقولتي "حلال وحرام"، وإنما يحاول أن يطور رؤية شاملة للفنون الإسلامية تستند إلى الرؤية الإسلامية للكون، ومن هنا ظهرت المحاولات النظرية والتطبيقية الجديدة في مجال المعمار ومختلف الفنون، وهذا الجانب في الخطاب الإسلامي الجديد هو تعبير عن الانفتاح النقدي الأخلاقي، فكثير من الفنانين الإسلاميين أو المهتمين بالفن الإسلامي في العصر الحديث تعلموا في الغرب أو في الشرق على أسس غربية، ومع هذا فإنهم ينسلخون عن المنظومة الغربية، ويوجهون لها النقد، ويستفيدون من المعرفة التي اكتسبوها في محاولة توليد رؤى فنية، تترجم إلى مبانٍ على طراز إسلامي تستجيب لمتطلبات العصر الحديث، ويلاحظ أن هؤلاء الفنانين يدرسون التراث الفني الإسلامي من زوايا جديدة ويعيدون اكتشافه واكتشاف أسسه النظرية، مستفيدين من آليات التحليل التي تعلموها في الغرب، كما أنهم بدأوا يهتمون بالكتابات الإسلامية التراثية في هذا المضمار.تجاوز المنظور الغربي في قراءة التاريخ:- من أهم جوانب الخطاب الإسلامي الجديد قراءة التاريخ؛ فثمة رفض لفكرة التقدم الخطي اللانهائي ورفض للمفاهيم الخطية الواحدة (Unilinear) التي تفترض وجود نقطة نهائية واحدة، وهدف واحد يتحرك نحوه التاريخ البشري بأسره، الأمر الذي يفترض ضرورة رؤية تواريخ البشر من خلال منظار عالمي كما يُدَّعى، وإنما هو منظار الحضارة الغربية والمعيار هو معيارها. وأعتقد أن الدكتور بشير نافع أعطانا نموذجًا تطبيقيًّا لذلك الرفض بأن قدم قراءة التاريخ الإسلامي من الداخل دون استيراد مقولات تحليلية من خارج النسق، وعملية القراءة هنا هي عملية متعاطفة تفسيرية، ولكنها –أيضا- عملية نقدية، لقد قرأ الدكتور بشير وثائق لم يقرأها المؤرخون الغربيون، أو قرأوها وقاموا لعدم أهميتها في نظرهم، ولذا فقد نجح في تقديم رؤية جديدة، ومن ذلك اكتشف دور التصوف والطرق الصوفية الذي يهمله المؤرخون الذين تم تدريبهم داخل المنظومة العلمانية، فهم ينظرون إلى التصوف باعتباره مجرد خزعبلات، بينما يرى الدكتور بشير نافع أن دراسة التصوف والطرق الصوفية مدخل أساسي لفهم التاريخ الإسلامي، وقد بين الأستاذ طارق البشري في بعض دراساته أهمية الطرق الصوفية في فهم تاريخ مصر الحديثة.تابع محاور الدراسة: | |
|